![]() | |
ثغرات تقرير الإخوان والمنعطف التاريخي للأزمة السورية |
ووجهت صحف انتقادات لبريطانيا إثر تقرير حكومتها حول أنشطة جماعة الإخوان المسلمين، و الذي خلص إلى أن بعض أجزاء الشبكة الدولية للجماعة "لها علاقة ملتبسة بالتطرف العنيف".
غير أن رئيس الحكومة البريطانية، ديفيد كاميرون، قال إن سلطات بلده لن تحظر الجماعة، لكنها ستُبقيها قيد المراقبة الدقيقة.
ويرى بعض المعلقين أن التقرير جاء متأخرا، بينما يرى آخرون أن لغة التقريرتتسم بالغموض مما قد يترك مساحة "للمراوغة" على حد قول أحدهم.
"خيوط مع كل الأطراف"
واتهمت صحيفة الخليج الإماراتية بريطانيا بـ"غض الطرف عن السجل الإرهابي المديد للإخوان" إلا أنها "أدركت خطأها بعد أن شعرت بالخطر".
وتقول افتتاحية الصحيفة: "بريطانيا وغيرها من الدول الغربية تحترف أسلوب الحروب بالوكالة ضد الدول والأنظمة التي تناهض سياساتها ولا تجد غضاضة في التحالف مع شياطين الإرهاب، أو خلق شياطين إرهاب لاستخدامها من أجل تحقيق مصالحها ومخططاتها، ثم تعلن الحرب عليها بعدما تدرك أن هذا الإرهاب خرج من تحت سلطتها ولم تعد قادرة على ضبطه، وقد ينتقل إليها كما هي حالها الآن في المعركة المفتوحة ضد الإرهاب".
وتتابع قائلة "احتاجت بريطانيا إلى عقود عدة كي تكتشف أن جماعة الإخوان هي تنظيم متطرف يشكل حاضنة للإرهاب، وأن الانتماء للإخوان المسلمين والارتباط أو التأثر بهم ينبغي أن يُعتبر مؤشراً محتملاً للتطرف".
في الإتجاه ذاته، يصف جهاد الزين في النهار اللبنانية التقرير بأنه أول رد على الموقف البريطاني "الجديد" من جماعات الإسلام السياسي بعد أن كانت بريطانيا "بلد استضافة للتيارات السلفية والإخوانية".
ويقول الكاتب: "هذه الفتوى لا تحسم فقط توجها غربيا مستريبا من حركة الإخوان المسلمين بل تلغي تصنيفا تقليديا للباحثين السياسيين الغربيين والعرب طالما انعكس في، أو عَكَسَ، سياسات تفصل بين الأصولية الإخوانية والأصولية السلفية ولاسيما الجهادية منها. حسب هذا المؤشِّر البريطاني الجديد لم يعد هناك فارق بين التيارين الإخواني والسلفي أو على الأقل لم تعد المسافة محسومة بل هي ’غامضة‘ حسب تعبير التقرير التحقيق".
وفي الشروق المصرية، يقول عماد الدين حسين: " الواقع يقول إن السياسة البريطانية ومنذ العهد الاستعمارى تتبنى الإمساك بخيوط مع كل الأطراف المتناقضة فربما تستفيد منها لاحقا، وهذا ما يفسر لنا الإبقاء على خيوط مع جماعة الإخوان".
و يتابع قائلا: "التقرير الأخير عن الجماعة كان مفاجئا لكثيرين لأنهم اعتقدوا أنه سيأتى مائعا، ثم وجدنا أنه يتبنى لهجة قاسية إلى حد ما ضد الإخوان، وربطهم بالعنف نسبيا، خصوصا فيما يتعلق بالأفكار، وهذا هو التطور الأكثر أهمية. لكن التقرير فى المقابل لم يذهب إلى وصف الجماعة بالإرهابية أو يدينها بالمطلق".
"ثغرات مفتوحة"
على نحو آخر، يرى عمرو عبد السميع في الأهرام المصرية أن الحكومة البريطانية عدّلت موقفها من جماعة الإخوان "تحت ضغوط كبرى" من دول الخليج، متهما بريطانيا بأنها تركت في التقرير "ثغرات مفتوحة تتيح لها اللعب والمراوغة".
ويقول الكاتب: "بعض أقسام الجماعة لها علاقة ملتبسة جدا بالتشدد الذي يقوده إلي العنف، يعني هو (التقرير) يشير إلي التشدد وليس إلى العلاقة الكاملة بين الإخوان والإرهاب والعنف، ثم أنه حين يتكلم عن بعض أقسام الجماعة لا يحددها، وبما يعطي فرصة للبريطانيين الذين قاموا- تاريخيا- بتصنيع الإخوان أن يراوغوا كلما أرادوا، ويتحدثوا عن أن مرتكبي العنف ليسوا من القسم الذي قصدوه في جماعة الإخوان".
وفي الرأي الأردنية، يرى طارق مصاروة أن التقرير استخدم "اللغة المطاطة".
ويقول الكاتب: "الحقيقة إن كاميرون لم يتحدث أبداً عن الاخوان والإرهاب، وأن كل كلامه رجراج، وغير محدد، وحمّال اوجه، ولم يجزم أن وجود الآلاف من الاخوان في بريطانيا يعرض أمن بريطانيا للخطر".
مفصل تاريخي
وفي الموضوع السوري، تقول صحيفة "القدس العربي" الصادرة في لندن إن "المسألة السورية تتجه إلى مفصل تاريخي كبير يتمثّل في تسوية تعقب استصدار قرار لمجلس الأمن يصادق على ما اتفق عليه في مؤتمر فيينا 1 المتضمنة بدء مباحثات بين المعارضة السورية ونظام الرئيس بشار الأسد لتشكيل حكومة وحدة وطنية تقوم بالإشراف على إجراء انتخابات رئاسية، وتضمنت مباحثات فيينا أيضاً الاتفاق على وقف لإطلاق النار في سوريا".
وتضيف الصحيفة قائلة إن "القرار المقبل سيفتح الطريق نحو تشريع لا يستهدف "الدولة الإسلامية" و"جبهة النصرة" فحسب، بل كذلك جماعات أخرى تم اعتمادها في «قائمة الإرهاب» التي كلّف الأردن بتقديمها، والتي تقول التسريبات إنها تضمّ تنظيمات سلفيّة سنّية مسلحة وتتجاهل الميليشيات العراقية واللبنانية المنخرطة في الصراع السوري، كما ليس متوقعا أن يتعرّض القرار المرتقب لمسألة وجود القوات الإيرانية النظامية التي تقاتل في سوريا، رغم أن نقل الأسلحة والقوات الإيرانية ممنوع بقرار أممي سابق".
ويقول الكاتب غازي دحمان في صحيفة "العربي الجديد" تعليقا على التطورات التي يشهدها الملف السوري إن الاستراتيجية المتبعة تتجلى في "الحصار والتفريغ السكاني والمجازر الجماعية والاعتقال العشوائي والإخفاء القسري والاغتصاب والقصف العشوائي بالبراميل وقذائف المدفعية، حتى أبناء الأقليات الذين تم اعتقالهم، من نشطاء ومثقفين وسياسيين، كانت التّهم الموجّهة لهم: التعاون مع الإرهابيين "السنّة"، أو تقديم خدمات لوجستية لهم، أو إغاثتهم، أو تقوية موقفهم السياسي.
ويضيف الكاتب قائلا "وقد ساعد وجود العراق وإيران في إيجاد عمق إستراتيجي لإنجاح هذه الإستراتيجية، بمدّها بكل مستلزماتها من أدواتٍ ماديةٍ وكوادر لإنجاز هذه المهمة، فإيران دخلت الحرب على أساس طائفي بحت، وكذلك حكومة العراق، في عهدي نوري المالكي وحيدر العبادي، فضلاً عن حزب الله، وبالتالي، اندمجوا ضمن أهداف ومكونات الإستراتيجية الطائفية التي تقوم على إلغاء الطرف الطائفي الآخر، واحتلال الحيز الجغرافي الذي يملكه، وإضعاف مكونه الديمغرافي إلى أبعد حد".
إرسال تعليق